هل سيسير الإنسان يوماً على الجدران كالأبو بريص؟

 

كيف يمكن للحشرات تسلق الأسطح الملساء دون أن تنزلق؟ وما هي سر القدرة التي يملكها أبو بريص –مثلاً - التي تمكنه من السير على السقف دون أن يسقط؟ وكيف تتمكن النملة من حمل وزن يفوق وزنها بمئات المرات؟ وكيف يمكننا أن نستفاد نحن البشر من هذه (التقنيات الطبيعية) في (تقنياتنا الصناعية)؟ 

علم البيونك bionics (علم محاكاة الطبيعة) هو الذي يهتم بالإجابة على هذه التساؤلات، وهو عبارة عن خليط بين علم الفيزياء وعلم الإحياء، وبوجود هذا العلم يصبح السؤال الذي يجب أن يُطرح: كيف يمكن للإنسان السير على الحائط كما يسير الأبو بريص؟؟

تعد رؤية أبو بريص يتسلق الجدارن والسقوف منظر مؤلوف، خصوصا لدى سكان المناطق الواقعة في النصف الجنوبي للكرة الأرضية، ومع أن أبو بريص يشبه السحلية، إلا أنه يتميز عن بقية الحيونات الزاحفة بقوة لاصقة قوية للغاية في أقدامه. بباطن قدم أبو بريص يتكون من شعيرات دقيقة، وتنقسم نهايات هذه الشعيرات بدورها إلى شعيرات متناهية الدقة يصل عددها إلى المليارات، إن هذه الشعيرات تنبسط على السطح الذي يوجد عليه الحيوان، وتمكنه من تثبيت جسمه عليه، وكلما كان السطح أملسا، كلما تمكن أبو بريص من تثبيت نفسه بشكل أفضل.

بعد أن فهم العلماء التقنية التي من خلالها يستطيع أبو بريص السير على الجدران الملساء، نجح فريق عمل في جامعة كيل الألمانية من صنع نموذج أولي لشريط لاصق يحاكي التقنية التي تمنح قدم أبو بريص قوته اللاصقة القوية.

حيث يمكن لصق هذا الشريط وإزالته دون أن يترك أثرا، وذلك لمرات عديدة وبلا حدود دون أن يفقد شيئا من قوته اللاصقة. إن هذا الشريط اللاصق الذي يتميز بالمرونة وبشيء من اللزوجة، ليس إلا نتاجا لمحاكاة طبق الأصل للشعيرات الدقيقة الموجودة في أقدام أبو بريص.

وقد تم اختبار الشريط اللاصق من خلال استخدام روبوتات صغيرة تتمكن بواسطة هذه الأشرطة اللاصقة من السير على أسطح ملساء صعوداً وهبوطاً، أما الهدف من ذلك فهو تطوير هذه التقنية بحيث يتسنى للروبوتات مستقبلا أن تؤدي أعمال التنظيف على الواجهات الزجاجية الملساء والجدران.

وفي عالم تتسارع فيه وتيرة الاكتشافات والبحوث، أصبح من المتوقع أن نشاهد يوماً ما إنسان يمشي على الجدران والسقف كما تفعل الخنافس والعناكب وكما يفعل أبو بريص، ولكن قبل ذلك اليوم لابد من أجراء المزيد من الأبحاث حتى يفهم الإنسان الطبيعة جيدا، بحيث يمكنه استنساخ التقنيات المدهشة الموجودة فيها بصورة أكثر فاعلية وأمان.