النفايات الالكترونية وخطرها البيئي

حيدر مرتضى

أصبحت قضية (النفايات الالكترونية) تثير قلقاً شديداً لدى خبراء البيئة ودعاة حمايتها على حد سواء، حيث تتزايد بشكل كبير كمية النفايات الالكترونية الملقاة في مقالب القمامة في كل عام.

إن العديد من المستهلكين في الحقيقة لا يدركون أن أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة وأي أجهزة الكترونية أخرى، تحتوي سموم يمكن أن تتسرب إلى التربة وتضر بالبيئة.

وقد قامت العديد من دول العالم المتحضر بسن وتشريع القوانين حول التعامل مع النفايات الالكترونية في محاولة لأبعادها عن مواقع دفن النفايات التقليدية، وتوفير مقالب مخصصة ومجهزة للتعامل مع المواد السامة الموجودة في النفايات الالكترونية.

تعد المعادن الثقيلة في النفايات الإلكترونية مثل الرصاص والكادميوم والزئبق مواداً سامة جداً تستغرق وقتاً طويلاً للتحلل؛ ولهذا تشكل هذه المواد مخاطر حقيقية على البيئة والصحة، وبات التعامل معها قضية خطيرة جداً تشغل بال خبراء البيئة والتلوث.

في العالم المتقدم بدأت العديد من الشركات باتخاذ خطوات تقنية لتقليل كمية المواد السامة المستخدمة في تصنيع الأجهزة الالكترونية، هذا أولاً، وكخطوة ثانية يتم استخلاص المواد الثقيلة والسامة من الأجهزة الالكترونية المستهلكة، أما بقية الأجزاء فيتم أما طمرها، أو شحنها – وجزء كبير منها – إلى دول العالم الثالث.

وشحن هذه النفايات يتم أما تحت ستار "أسباب إنسانية"، بحجة أن التكنولوجيا التي تعتبر قديمة في الدول المتقدمة يمكن أن تساعد على سد الفجوة بين العالم الأول والثالث.

فمثلاً أجهزة المحمول البطيئة الغير مرغوب فيها في الولايات المتحدة، يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً للأشخاص الذين يعيشون في إفريقيا، وكما حدث في العراق آبان حقبة النظام السابق، حيث تم توريد الآلاف من أجهزة الحاسوب المستهلكة الرخيصة إلى السوق العراقية، والتي تم رميها في النفايات بعد فترة قصيرة جداً، مما ولد عبئاً على البيئة العراقية اليوم.

وفي حالات أخرى يتم إرسال النفايات الالكترونية بصورة مباشرة إلى دول العالم الثالث، على شكل شحنات أو حاويات، وتطمر في أراضي هذه الدول الفقيرة مقابل أجور مالية تدفعها لحكومات هذه الدول الفقيرة، العديد من الشركات التي تدعي أنها تعمل على "إعادة تدوير" النفايات، هي في الحقيقة تبعثها إلى هذه الدول الفقيرة.

وعندما تبدأ هذه النفايات بالتراكم تبدأ السموم بالترشح في التربة والمياه الجوفية، وبتالي تسبب نقص المحاصيل، وعيوب خلقية وأمراض خطيرة، وقد بدأ عدد قليل من الشركات المسؤولة بيئياً عن التحدث علناً عن هذه الممارسات الخطيرة لبعض الدول والشركات العالمية.

كذلك ومع تنامي الوعي في الدول المتقدمة لخطورة هذه المواد السامة، بدأت بفرض رسوم معالجة النفايات الإلكترونية بعد استهلاكها، مرافقة لبيع الإلكترونيات الاستهلاكية الجديدة.

إن الحديث عن كيفية التعامل مع هذه النفايات الالكترونية في العراق، هو حديث سابق لأوانه في ظل عدم وجود قوانين حكومية للتعامل مع هذه النفايات، وتبقى الامكانية المتاحة أمامنا هو الحديث والتشديد على خطورة غياب قوانين وتشريعات للتعامل مع هذه المواد السامة، وأضرار هذه النفايات على صحتنا وبيئتنا ومجتمعنا.