الشمس.. هل ستنطفئ يوماً


الشمس نجمة مجموعتنا الكوكبية، كغيرها من النجوم تمتاز بالحرارة المهولة والضخامة، وهي أيضاً ذات جاذبية هائلة، تنبعث الحرارة من الشمس نتيجة للتفاعلات النووية في مركزها، وإن الأشعاع الشمسي المنبعث يوفر الطاقة التي تحرك تقريباً كل العمليات الطبيعية التي تحدث على الارض وفي الغلاف الجوي للأرض
وفي الحقيقة فإنه ليس في الكون كائن أكثر أهمية للأرض من الشمس، ومع إن فقط 2 من البليون من أشعة الشمس تصل الأرض، فإن هذا الجزء الصغير الذي يصل الأرض كافياً لجعل الحياة ممكنة.
ومن دون حرارة الشمس فإن الأرض تتجمد وتفقد الحياة. فبواسطة ما يسمى بـ"البناء الضوئي" فإن النباتات والطحالب، وبعض البكتريا تستفيد من ضوء الشمس لإنتاج غذائها وغذاء الكائنات الأخرى من حيونات وإنسان.
تصنف الشمس كنجم متوسط من حيث الحجم ودرجة الحرارة إذا ما قارناها بملايين النجوم المماثلة لها في مجرة درب اللبانة.
وتختلف المسافة بين الشمس والأرض خلال السنة، بسبب مدار الأرض البيضاوي حول الشمس، إذ تبلغ معدل المسافة بحدود (150.000.000) مليون كم، وبهذا فإن ضوء الشمس يحتاج 8 دقائق للوصول إلى سطح الأرض، وحوالي أربع ساعات للوصول إلى كوكب نبتون.
تركيب الشمس:
تعتبر الشمس واسعة بشكل لا يصدق إذا ما قارناها بكواكب المجموعة الشمسية، حيث يبلغ قطرها حوالي (1.392.000) كيلو متر، أي أكثر من قطر الأرض بمئة مرة، وأكبر من قطر كوكب المشتري بعشر مرات، وهو أكبر الكواكب التسعة.
وبالرغم من مظهر الشمس الصلب، إلا إنها غازية تماماً، بل وفي حرارة وضغط كحرارة وضغط الشمس حتى الحالة الغازية تتحول إلى ما يسمى بحالة البلازما.
من خلال الدراسة المتأنية لاشعة الشمس وبأستخدام جهاز (spectroscopes)، وجد العلماء في الشمس أكثر من 70 من العناصر الكيميائية المعروفة على الأرض، منها، الهيدروجين، وهو تقريباً الأكثر وفرة، ويليه الهليوم ويشكل معظم المتبقي، تليها كميات صغيرة من الأوكسجين والنيتروجين والكربون، وأخيراً كميات ضئيلة من عناصر أثقل مثل النحاس والذهب والحديد والرصاص الموجودة أيضاً.
ومثلها مثل باقي الأجرام السماوية في مجموعتنا الشمسية، تدور الشمس حول محورها، إلا إن ولكون الشمس تتألف تماماً من الغازات؛ لذا تدور أجزاء منها أسرع من أجزاء أخرى، فالمناطق الواقعة في منطقة (خط الأستواء) تكمل دورتها خلال 25 يوماً، ولكن المناطق بإتجاه القطبين، تكمل فترة دورانها بحدود 34 يوم.

هناك في الشمس قوتين تتحكمان بكل خصائص الشمس من حجم وسطوع وكثافة وحرارة، هاتين القوتين متعارضتين، هما: الجاذبية والتي تميل إلى ضغط كتلة الشمس وسحبها نحو الداخل، والقوة الثانية هي القوة الناتجة عن الأنفجارات الضخمة في داخل المركز الشمس، والتي تميل إلى توسيع وتوسعة الشمس، والميل إلى تفجيرها، وكل قوة من هاتين القوتين تعمل على موازنة الأخرى، وتعمل على الحفاظ على الشمس في حالة توازن وإستمرار وعدم إنفجار.

 

كيف تولد الشمس الحرارة والضوء؟
بحسب تقديرات العلماء فإن الشمس مشرقة منذ نحو (5.000.000.000) مليار سنة وستستمر إلى ما شاء الله، فمن أين لها هذه الطاقة؟
إن مصدر هذه الطاقة هو الاندماج النووي الذي يحصل في قلب الشمس.
يعتبر ألبرت أينشتاين أول من عرف العلاقة بين الكتلة والطاقة من خلال العلاقة (Emc2)، والتي وفقاً لهذه العلاقة يتم أستخدام كتلة صغيرة من المادة لتحرير كميات هائلة من الطاقة.
هناك وفي أعماق الشمس ثمة الملايين من التفاعلات تجري، ففي هذه التفاعلات يتم دمج أربع أنويه هيدروجين لتشكل نواة هليوم، إن كتلة نواة الهليوم الناتجة أقل بقليل من مجموع كتل أنويه الهيدروجين الأربع الأصلية، والفرق البسيط في الكتلة تم تحويله إلى طاقة يرسل إلى الأرض على شكل ضوء وحرارة، وغيرها من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي، وعلى الرغم من أن كمية الطاقة المفقودة في كل تفاعل كمية صغيرة جداً، إلا إن إجمالي ما تفقده الشمس من كتلة تبلغ 4.000.000 مليون طن في كل ثانية.

النشاط الشمسي:
حجم البقع الشمسية بالنسبة لحجم الكرة الأرضية
من وقت لأخر، تظهر على سطح الشمس بقع غير منتظمة سوداء تدعى "البقع الشمسية"، وهي من أبرز العلامات المعروفة عن الشمس، ويعزى سبب المظهر المظلم والسوادوي للبقع الشمسية لإنخفاض درجة حرارة هذه البقع، حيث تبلغ (1670) درجة مئوية، وهي بذالك أكثر برودة من السطح المحيط بها، وبهذا فإن المظهر المظلم لها هو نسبي، لأن البقع الشمسية هي في الواقع مضيئة أيضاً.
يبلغ معدل قطر البقعة الشمسية من 4.800 كيلو متر إلى 160.000 كيلو متر، يختلف عددها حسب ما يسمى بالدورة الشمسية، ففي كل 11 سنة تزداد البقع الشمسية بشكل ملحوظ وهو ما يسمى بذروة الدورة الشمسية.
وعلى الرغم من عدم فهم أسباب حدوث هذه البقع بصورة دقيقة، إلا إن الدراسات تشير إلى ظهور البقع الشمسية له علاقة باضطرابات المجال المغناطيسي على سطح الشمس.

 الاشعاع الشمسي:
ترسل الشمس اشعتها على هيئة طيف كامل من الاشعة الكهرومغناطيسية، تبدأ – حسب تردداتها - : أشعة كاما، اشعة السينية، الاشعة فوق البنفسجية، أشعة الضوء المرئي، الاشعة تحت الحمراء، تليها مجموعة واسع من موجات الراديو.
بالإضافة إلى "الرياح الشمسية"، وهي عبارة تيارات هائلة من جسيمات وآيونات مشحونة بطاقة عالية، تشكل خطر على الحياة الارضية.
يعد الغلاف الجوي للأرض بمثابة درع لصد ومنع الأشعة الضارة للحياة، لا سيما الأشعة الكونية (الرياح الشمسية)، والاشعة السينية، وتقريباً كل الاشعة فوق البنفسجية.
أما الأشعة التي تخترق الغلاف الجوي للارض فهي معظم الأشعة الضوئية والاشعة تحت الحمراء، التي تمنح الحرارة للأشياء حال ملامستها.
الكمية القليلة من الأشعة فوق البنفسجية التي تخترق الغلاف الجوي تساعد جسم الإنسان على إنتاج فيتامين (د)، وهي مسؤولة أيضاً عن أسمرار البشرة وحروق الشمس.
إن الأشعة والجسيمات المنبعثة من التوهجات الشمسية التي تصل إلى الأرض بواسطة الرياح الشمسية، تخلق في بعض الأحيان اضطرابات في المجال المغناطيسي للأرض، وما "الشفق القطبي" إن هو إلا تفاعل يحدث بين الجسيمات الشمسية مع ذرات الخلاف الجوي العلوي، للأرض.

نهاية الشمس:
لا شيء يدوم، ولا حتى الشمس، فبحسب تقديرات العلماء ستستمر الشمس بالإضاءة والإشراق لخمس مليارات سنة قادمة، وهي تدريجياً تستنزف طاقتها وصولاً إلى مرحلة تحول جميع الهيدروجين إلى هليوم وهنا تحدث سلسلة من تفاعلات تؤدي إلى توسع الطبقات الخاريجة من الشمس، ويصبح عندها الشمس نجماً عملاقاً أحمر، يبتلع الكواكب القريبة منه، عطارد والزهرة والأرض، ثم تعود الشمس لتنكمش من جديد وتتكور لتصبح ما يُطلق عليه بـ "القزم الأبيض"، حيث تصبح كثافتها طن لكل سنتميتر مكعب..  وهنا تنتهي قصة الشمس بقوله تعالى: (وإذا الشمس كورت).

هناك تعليق واحد: